آراء

نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الإمارات

٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

لا شك أن الاستثمار هو المحرك الرئيسي لعملية التنمية الاقتصادية، لذلك يمكن اعتبار الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي على أنه الحجر الأساس للحكومات المحلية والشركات على حدٍّ سواء. وبناءً عليه، يمكن للشركات الاستحواذ على حصة الإدارة المسيطرة في الأصول الأجنبية وتنويع مصادر دخلها وتحصيل المزايا.

تتضافر عناصر مثل الاستقرار السياسي والأمني والبيئة التنظيمية والقانونية العالية المستوى التي تتمتع بها دولة الإمارات، كلها لتشجّع على مواصلة الاستثمار الأجنبي المباشر تسجيل انتعاش كبير وتسارع في معدلات النمو الإيجابية وهي تُعتبر عوامل رئيسية في النمو الاقتصادي الرائد. ومن شأن هذا النمو أن يؤدي إلى إنشاء فرص عمل ووظائف جديدة محلية وعن بعد، وإدخال التكنولوجيات والمعرفة التقنية الجديدة التي تواكب التحولات الأخيرة، وتعزيز الاقتراض الآمن على المدى الطويل للحكومات والشركات وتعزيز أوجه التكامل الاقتصادي في الأسواق على الصعيد العالمي. ولا بد من الملاحظة بأنّ القوى المحركة في هذا القطاع هي التماشي مع تحقيق رؤية دولة الإمارات في تنويع الاقتصاد وأن تكون بلد الاكتفاء الذاتي أكثر فأكثر.

الاستقطاب العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر

تُعتبر البيئة الجيدة والمناخ الاستثماري الملائم من العناصر الجاذبة التي تحثّ المستثمر من جميع أنحاء الكوكب على الاستثمار في الأسواق الأجنبية وذلك بفضل المزايا والمنافع الاقتصادية المتعدّدة التي تقدّمها. إذ تتوفر للشركات أحدث التكنولوجيات وأفضل الممارسات التشغيلية، مما يساعدها على زيادة إيراداتها، وينعكس هذا الأمر في النهاية على النتائج المالية القوية في الاقتصاد المحلي. كما تتوفر للمستثمرين فرص التوسّع إلى قطاعات الأسواق العالمية المربحة وتنويع محافظ استثماراتها.

الاستثمار الأجنبي المباشر يعزّز اقتصاد دولة الإمارات

أثمرت الجهود الحثيثة التي بذلتها دولة الإمارات من أجل تطوير القطاع السياحي الذي أولته اهتماماً كبيراً والهادفة إلى الحد من تداعيات جائحة كوفيد-19 إلى احتلال المراتب الأولى كوجهة سياحية مفضلة في عام 2021 والجزء الأول من عام 2022. وقد ساعد هذا على انتعاش الاقتصاد بسرعة وتزايد مدى جاذبية بيئة الاستثمار في دولة الإمارات واستقطابها للمستثمرين الأجانب. وقد سجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى دولة الإمارات في عام 2021، نمواً بنسبة 3.9%، وبلغت قيمتها إلى ما يقارب 76 مليار د.إ. (20.7 مليار دولار). ومن المتوقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد الإماراتي خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى ما يزيد عن خمسة بالمائة (5.4%) وذلك بفضل التحسينات التي أُدخلت والإصلاحات التي أُجريت في مجالي التجارة والاستثمارات والدعم المقدم إلى قطاعات جديدة في الاقتصاد.

قوانين الاستثمار الأجنبي المباشر والتطورات الأخيرة في دولة الإمارات

تلتزم دولة الإمارات بتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في استراتيجيتها الجديدة. أما بالنسبة إلى القطاع الصناعي الذي يشارك بصورة رئيسية في مسيرة التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات، فستتولى هذه الأخيرة رفع مساهمته في الناتج المحلي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار د.إ. (81.68 مليار دولار) خلال السنوات العشر المقبلة، مما سيؤدي إلى تحقيق رؤيتها في الاكتفاء الذاتي. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ثاني رئيس لدولة الإمارات، طيّب الله ثراه، المرسوم بالقانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يتيح لرواد الأعمال والمستثمرين الأجانب إمكانية تأسيس الشركات داخل الدولة وتملكها بشكل كامل أي بنسبة 100 بالمائة.

تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الحالية ومزايا الاستثمارات الإماراتية

لقد شهدت دولة الإمارات معدلات نمو قياسية متواصلة في حركة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إليها واحتلت تصنيفات عالية المستوى ضمن أهم الاقتصادات العالمية، مما حوّلها إلى الخيار الاستراتيجي للمستثمرين الأجانب ووجهة الاستثمار المثلى. وفي النصف الأول من عام 2022، حافظت دبي على أدائها العالمي المتميز في جذب مشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر بعد أن نجحت في استقطاب 492 مشروعاً في هذا المجال، ويعتبر هذا رقماً قياسياً جديداً وأفضل أداء للإمارة على الإطلاق خلال فترة ستة أشهر إذ بلغت نسبة النمو 80.2% مقارنة بالفترة عينها من العام السابق. أما بالنسبة إلى المشاريع، فقد كانت حصة الأسد للمشاريع الجديدة إذ بلغت نسبة 56% من مجموعها. واللافت أن دبي احتلت المركز الأول في المنطقة في مجال استحداث الوظائف من الاستثمار الأجنبي المباشر بإجمالي 15,164 وظيفة جديدة ويعدّ هذا نمواً سنوياً بنسبة 33.5%.

يضطلع الاستثمار الأجنبي المباشر بدور بارز في تعزيز اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة في العديد من الطرق نذكر منها:

نمو الاقتصاد وارتفاع عدد الوظائف
من شأن الاستثمار الأجنبي المباشر أن يولّد وظائف جديدة ويزيد المشاريع في القطاع الصناعي. ويمكن لدولة الإمارات أن تستقطب الأفراد الموهوبين من مهنيين وطلاب ورواد أعمال ومستثمرين عاملين في جميع القطاعات. ولا بد من ذكر بأن الوظائف الجديدة تولّد المزيد من العائدات الاقتصادية وبالتالي سيكون بحوزة العمال الأموال اللازمة لإنفاقها.

استقرار سعر الصرف
تساعد حركة الأموال المستمرة داخل دولة الإمارات البنك المركزي على الاحتفاظ باحتياطي من النقد الأجنبي في جميع الأوقات بما يعزّز الاستقرار المالي والنقدي ويحقّق الفعالية والمرونة.

تطوير الرأس المال البشري
يمكن للعمال اكتساب المهارات والمعارف الأساسية المتعلقة بالوظيفة بالإضافة إلى الخضوع إلى دورات تدريبية هامة وقيّمة مما يؤدي إلى نمو اقتصادي أكبر واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال. وهكذا سيتمكّنون من العمل بصورة فعالة أكثر متمتّعين بكفاءات أفضل، وهذا أمر أساسي للنمو.

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الاستثمار الأجنبي المباشر مفيد على صعيدَين ألا وهما تعزيز الشركات المستثمرة والأسواق المحلية في دولة الإمارات. ويمكن الاستنتاج بأنه مع زيادة نمو الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يعدّ مصدراً هاماً للتمويل يساعد على رفع معدلات النمو الاقتصادي في أي بلد، فإن دولة الإمارات تمهد الطريق لاستقطاب المزيد من المستثمرين على الصعيد العالمي ولمساعدة اقتصادها على الوصول إلى آفاق ومشارف جديدة.

آخر الأخبار